في غزة ... يتبادلون الأطفال من أجل البقاء

تاريخ النشر
جنازة لأفراد من عائلة واحدة استشهدوا في قصف لمنزلهم-تصوير وكالات

غزة-(وفا)- في مشهد غير مألوف، أعلن مواطن في مدينة غزة يوم الثلاثاء، أنه قام بعملية تبادل للأطفال بينه وبين شقيقه تجنبا لإبادة أي من العائلتين في الضربات الجوية التي تنفذها الطائرات الحربية الاسرائيلية "بلا تمييز" على منازل المدنيين بقطاع غزة.

وقال ياسين أبو عودة، من مخيم الشاطئ غرب غزة، إنه قرر بالتفاهم والتوافق بينه وبين شقيقه والأطفال أن يتبادل كل منهما نصف أطفال الآخر.

وفي حديثه لمراسل "وفا" أكد أبو عودة أنه بسبب ازدياد حالات استهداف المدنيين وإبادة العائلات قرر تبادل نصف العائلة التي تبلغ خمسة أطفال.

"قصفت طائرات الاحتلال بيت الجيران عائلة أبو حطب وسحقوا عائلتهم وأطفال أصهارهم عائلة الحديدي".

وأكد ياسين الذي يعيل أيضا ثلاثة أطفال لأخيه علاء الذي توفي سابقا بالسرطان، أنه ناقش الفكرة مع الأطفال الذين رحبوا بها وكانت وفق رغبتهم "حتى في عملية اختيار من سيكون مع من كانت وفق رغبة الأطفال".

ياسين أبو عودة (34 عاما)، يعمل في حقل المؤسسات الأهلية، هو والد لخمسة أطفال؛ مرام (12 عاما) وجنى (10 أعوام) ومحمد (8 أعوام) وكنان (6 أعوام) وماريا (20 يوما).

وأشار إلى أنه أعطى شقيقه كلا من جَنى وكنان، وأخذ منه ليان (6 أعوام) وأحمد (11 عاما)، "أعطيته ولد وبنت وأخذت من عنده ولد وبنت."

وأكد ياسين أنه ليس صاحب الفكرة، فكثير سبقوه من قبله لكنه ربما أول من أعلن عن ذلك، منوها إلى أن الدافع القوي وراء ذلك هو ازدياد وتيرة استهداف وإبادة العائلات في العدوان الجاري على غزة.

وسحقت المقاتلات الحربية الإسرائيلية 17 عائلة على الأقل في عدوانها المتواصل لليوم الثامن على قطاع غزة.

وأشار أبو عودة إلى أن سلوك الاحتلال العدواني لا يكشف سوى عن إفلاس أخلاقي وعسكري "يستهدفون المدنيين، يقصفون العائلات بدون أي تنبيه."

واستهدفت أيضا مدفعية الاحتلال، في أيام متتالية، منازل المواطنين بشكل عشوائي على أطراف قطاع غزة ما أدى إلى استشهاد عائلة واصابة العشرات، فيما ترك الآلاف بيوتهم واتخذوا من مدارس الأونروا ملاجئا.  

ولفت إلى أنه اتخذ القرار الفصل بعد أن ارتكبت قوات الاحتلال جريمة بحق عائلات أبو العوف واليازجي والكولك.

وكانت المقاتلات الحربية أطلقت عدة صواريخ على منازل أبو العوف والكولك واليازجي فقتلت 42 مواطنا غالبيتهم نساء وأطفال وبينهم عجزة وأطباء ومحامين ومهندسين.

"تقع عمارة أبو العوف في مكان هادئ وبعيد عن الشبهات ولا يوجد أي تفسير لقصف عمارتهم سوى الكراهية والحقد، والرغبة في القتل، ربما يمسنا ذلك."

ولم ينكر أبو العودة وازع الخوف وراء ذلك، "نعم أخاف على أطفالي وعائلتي"، مشيرا إلى أن هذا الخوف ولّد لديه الفكرة ونفذها.

وقال، إنه من الضروري بقاء شخص أو أكثر في العائلة ليحمل اسمها وأثرها وحقوقها القانونية في المستقبل.

ويعيش في قطاع غزة 2 مليون مواطن في 365 كم مربع بما فيها المناطق الزراعية وشريط حدودي بعرض 300 متر وطول زهاء 45 كم، الأمر الذي جعل غزة من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان والمباني في العالم.

ويشكل القصف الاسرائيلي خطرا ليس على المنزل المُستهدف فحسب، بل على المنازل المجاورة لأنها متلاصقة سيما في مخيمات اللاجئين وعلى رأسها "الشاطئ".

وقتلت قوات الاحتلال 219 مواطنا بينهم 63 طفلا و36 امرأة و16 مسنا في مئات الغارات الجوية من مختلف الطائرات الحربية وسلاح المدفعية والزوارق الحربية استهدفت منازل المواطنين وأراضيهم الزراعية، والأبراج والشقق السكنية والمكتبية، والبنى التحتية في قطاع غزة خلال الأيام التسعة الماضية.