10 مليارات دولار إجمالي التسهيلات المصرفية في السوق المحلية

تاريخ النشر
10 مليارات دولار إجمالي التسهيلات المصرفية في السوق المحلية
مقر سلطة النقد الفلسطينية في رام الله

رام الله-(الحياة الجديدة)-ابراهيم أبو كامش- أظهرت البيانات المالية للقطاع المصرفي انخفاض التسهيلات الائتمانية نهاية شهر كانون الثاني 2021 بحوالي 73,6 مليون دولار وبنسبة 0,7%، مقارنةً مع الشهر السابق. وهو الأمر الذي يؤكده محللون وخبراء المال والاقتصاد بتراجع إقراض القطاع العام بنسبة 0,5% أي ما قيمته 50 مليون دولار من حجمه الكلي البالغ 1,5  مليار، الى جانب تراجع اقراض القطاع الخاص في كل من الضفة وقطاع غزة بمقدار 39 مليون دولار، ولكنهم لا يعتبرون هذا تراجعًا بمعناه الجدي والجوهري، وذو دلالات.

ويعتقد هؤلاء، ان سبب هذا التراجع الطفيف، ناتج عن سداد الحكومة ديونها من القروض التي كانت مستحقة والتي حصلت عليها اثناء أزمة المقاصة، فلم يعد القطاع العام يحتاج سيولة بعد حل ازمة المقاصة في شهر تشرين ثاني من العام الماضي.

كما ويرى الخبراء، أن إنخفاض إقراض القطاع الخاص ليس جوهريًا وغير مثير للقلق، ويعتقدون أن سببه يعود الى تراجع أداء شركات الأعمال والأنشطة التجارية والاقتصادية خلال العام 2020 حتى الآن، بسبب جائحة كورونا، إضافة الى ما تلقته من مساعدات مالية من صندوق "استدامة".

إجمالي التسهيلات الائتمانية المباشرة

وأكد الخبراء، تراجع إجمالي الإقراض المصرفي في السوق المحلية من 10,075 مليارات دولار الى 10 مليارات. وتراجع الإقراض المصرفي الموجّه للقطاع العام حتى نهاية شهر 1/2021 من 1.555 مليار دولار في نهاية 2020 الى 1,509 مليارًا. كما وتراجع الإقراض المصرفي للقطاع الخاص في الضفة الغربية وقطاع غزة بمقدار 39 مليون دولار، حيث انخفض من  7,822 مليارات دولار في نهاية 2020، الى 7,783 مليارًا في نهاية شهر 1/2021.

انخفاض تسهيلات القطاع العام

وبينما يرى الخبير الاقتصادي والمالي نصر عبد الكريم، أنه من الطبيعي أن تتأثر الودائع عندما ينخفض الإقراض ولا يزداد بوتيرة عالية، لارتباطهما ببعض، فكلما زادت التسهيلات الائتمانية كثيرًا يتوقع أن تزداد الودائع، لسبب بسيط "أنه عندما تتلقى الجهة المعينة قرضًا، فانها تقوم بفتح حساب بنكي لها ليضخ قيمة القرض في حسابها الجاري، ولذلك يؤثر على التسهيلات وعلى الودائع التي تسمى بالودائع المشتقة، وبالتالي فانه من الواضح، أن التراجع لم يكن كبيرًا".

وذكر عبد الكريم: "لا يتجاوز تراجع إقراض القطاع العام 50 مليون دولار من حجمه الكلي البالغ مليارًا ونصف المليار، أي ما نسبته 1,5 مليار. وهذا لا يعتبر تراجعًا بمعناه الجدي والجوهري، وذو دلالات، والسبب ناتج عن سداد الحكومة ديونها من القروض التي كانت مستحقة والتي حصلت عليها أثناء أزمتي المقاصة وكورونا، إضافة الى تسديدها جزءًا من القروض التي عليها سابقًا، ولذلك فإن القطاع العام لم يعد يحتاج سيولة بعد حل أزمة المقاصة في شهر 11/2020".

وتابع عبد الكريم: "زادت إيرادات الخزينة بزيادة إيرادات المقاصة في شهر كانون ثاني2020، بحوالي 50 مليون شيقل، ولذلك كانت إيرادات 2020 أكثر منها في 2019، الأمر الذي مكّن الحكومة من التوقف عن الإقتراض من البنوك، وابقى على مستوى دينها أو إقراضها المصرفي مستقر، نتيجة استقرار المالية العامة للسلطة".

ويتفق أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية د. بكر اشتية، أن مصادر التمويل الحكومية بدأت تستقر مما يؤدي الى تخفيف العبء المالي من حيث الإقراض، سواء بانتظام عمل القطاع الخاص وبالتالي الإيرادات الضريبية المحلية أو انتظام أموال المقاصة وهذا أدى الى تقليل إقتراض الحكومة من البنوك والقطاع المصرفي.

فإن سلطة النقد لا تختلف مع رأي وتحليل الخبراء، وأكدت في معرض ردها على أسئلة صحيفة "الحياة الجديدة" إنخفاض التسهيلات الائتمانية نهاية شهر كانون الثاني 2021 بحوالي 73,6 مليون دولار وبنسبة 0,7%، مقارنةً مع الشهر السابق.

واشارت سلطة النقد الى إنخفاض التسهيلات الممنوحة للقطاع العام بحوالي 53,7 مليون دولار وبنسبة 2,4%، مقارنة بنهاية شهر تشرين الثاني.

وتتفق في رؤيتها تمامًا مع تحليل الخبراء حول ترجيع سبب الإنخفاض لقيام السلطة الوطنية بتسديد وتخفيض الالتزامات القائمة (قروض وجاري مدين) حصيلة استلامهم لأموال المقاصة التي كانت محجوزة لدى الجانب الإسرائيلي.

إنخفاض تسهيلات القطاع الخاص

وبينما يرى عبد الكريم، انخفاض اقتراض القطاع الخاص، والذي اعتبره انخفاضًا ليس جوهريًا، وليس ملفتًا ولا يثير قلقًا، لتراجع وانقطاع شركات الأعمال والأنشطة التجارية والاقتصادية خلال 2020 حتى الآن.

لذا فإن عبد الكريم يرى أنه من الطبيعي ان لا تكون الشركات بحاجة الى سيولة كبيرة بسبب مقيدات الجائحة، وتوقف أنشطتها واستثماراتها.

ولذلك لا يثير تراجع اقتراض القطاع الخاص قلق عبد الكريم ، وقال:"أكثر ما هو مقلق اذا اصبح هناك تراجع مستدام بمعنى بدء انكماش النشاط الاقتصادي، عندها سينعكس على الودائع وأرباح البنوك".

فيما يرى د. اشتية، أن عودة الأسواق الى العمل والحياة الاقتصادية الى شبه طبيعتها وانتظام رواتب الموظفين في الأشهر السابقة أدت الى تقليل اقتراض القطاع الخاص.

واشار، الى تزايد الاقتراض سنويًا، وهو ما اعتبره شيئًا ايجابيًا، لا سيما اننا نتحدث عن فترة تبرر الاقبال على الاقتراض بسبب تجفيف المصادر المالية للحكومة والقطاع الخاص والأفراد. ولكن بمجرد حدوث انتعاش اقتصادي نسبي، تراجع معدل الاقتراض مع اننا سنبقى على نفس الوتيرة منه. ما ادى الى توفر سيولة داخل الاسواق وتقليل الحاجة الى الاقتراض.

فيما بينت سلطة النقد في معرض اجاباتها، انخفاض التسهيلات الممنوحة للقطاع الخاص المقيم نهاية شهر كانون الثاني 2021 بحوالي 33 مليون دولار.

وترجع سلطة النقد، سبب الانخفاض في تسهيلات القطاع الخاص، نتيجة قيام بعض العملاء بتسديد الأقساط والالتزامات المستحقة لدى المصارف، حيث أنه وفقا للتعليمات الصادرة عن سلطة النقد رقم 27/2020 بتاريخ 22/07/2020  بشأن التخفيف من آثار الأزمة المالية وأزمة فايروس كورونا والتي نصت على تأجيل التزامات العملاء الذين تأثرت مداخيلهم "من خلال منحهم جاري مدين، أو جدولة أوهيكلة التزاماتهم، أو منحهم صيغة التورق لعملاء المصارف الاسلامية" حتى نهاية عام 2020 وتبدأ عمليات السداد في كانون الثاني من العام 2021.

"استدامة" تسهم في تخفيض الاقتراض

ويرى عبد الكريم، ان تراجع الاقتراض كان يمكن ان يكون أكبر، لو لم يكن هناك صندوق "الاستدامة" الذي ربما ساهم في ضخ سيولة لبعض المنشآت لكنها ما زالت دون المأمول سيما انها لم تتجاوز 50 مليون دولار.

في حين ترى سلطة النقد أن صندوق استدامة لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، هو جزء من اجمالي التمويلات الممنوحة، وله دورٌ هامٌ في المساهمة في استدامة وتغطية المصاريف التشغيلية للعديد من المنشآت الاقتصادية التي تضررت من الجائحة، فقد بلغ رأسمال المنشآت التي تم تمويلها من قبل البرنامج ما يقارب 300  مليون دولار، وذلك من خلال توفير تسهيلات ائتمانية لها بما يزيد عن 65 مليون دولار، مما ساهم في الحفاظ على ديمومة عمل حوالي 11 ألف موظف وعامل في تلك المنشآت.  

حافظ على قوته ونمو الودائع والتسهيلات

وأكدت البيانات المالية للقطاع المصرفي حتى نهاية العام المنصرم 2020 مدى قوة القطاع وتحمله للصدمات وقدرته على مواصلة خدماته دون انقطاع، بالرغم من الأزمات التي مر بها الاقتصاد الوطني خلال العام المنصرم.

 وأشارت البيانات المالية، الى أن نسبة كفاية من رأس المال في نهاية العام الماضي 2020  بلغت حوالي %15.7  ، في حين بلغت نسبة النمو في إجمالي الأصول 10.93% حتى نهاية العام الماضي.

وأكدت سلطة النقد، نمو إجمالي التسهيلات المباشرة حتى نهاية العام الماضي 2020  بنسبة 12%، وبلغت 10 مليار دولار، مقارنة مع 9  مليارات دولار خلال العام 2019. كما نمت ودائع العملاء في المصارف بنسبة 13.09٪ وبلغت 15 مليار دولار في نهاية عام 2020 أي بزيادة مقدارها حوالي 2 مليار دولار عن العام 2019، وتوزعت جغرافيا بنسبة 90,6% في الضفة الغربية، و9,4% في قطاع غزة.