’إيثيريوم’.. خطى متسارعة للإطاحة بعرش سيدة العملات المشفرة

تاريخ النشر
’إيثيريوم’.. خطى متسارعة للإطاحة بعرش سيدة العملات المشفرة
عملة "إيثريوم" الرقمية-تصوير وكالات

لندن-(الاقتصادية)-تتطلب الواقعية الإقرار بأن "بيتكوين" أولى العملات التي تتبادر إلى الذهن عند الحديث عن العملات الرقمية المشفرة، كما يدفع غير المختصين إلى الاعتقاد بأنها تعني "بيتكوين" فقط، ولا يوجد غيرها.
ربما يأتي هذا التماهي من أن "بيتكوين" هي أولى تلك العملات، وهي التي فتحت الباب واسعا للاهتمام في هذا المجال، أو لأنها الأغلى سعرا، كما أنها تحظى بالجزء الأكبر من التداولات بين منافسيها وتعد سيدة العملات المشفرة.
لكن الحقيقة تشير إلى وجود الآلاف من العملات الرقمية المشفرة، التي بلغت أكثر من 8000 عملة. وعلى الرغم من أن الفارق السعري هائل ويصب في مصلحة "بيتكوين" في مواجهة منافسيها، إلا أن هذا لا ينفي وجود عملات أخرى تنافس "بيتكوين" على احتلال المركز الأول في سباق العملات الرقمية المشفرة.
وفي الوقت الراهن تحتل "إيثيريوم" المرتبة الثانية في قائمة طويلة من تلك العملات، حيث يبلغ حجم تداولها اليومي حاليا نحو 38 مليار دولار. وعند إعداد هذا التقرير تخطى سعر الوحدة الواحدة من "بيتكوين" 34 ألف دولار لكل وحدة، بينما سعر عملة "إيثيريوم" تحوم فوق 1300 دولار تقريبا.
لا شك أن الفارق السعري بين العملتين ضخم، وبقدر ما يضيفه ارتفاع سعر "بيتكوين" من مزايا متعددة لها، فإن سعر "إيثيريوم" المنخفض مقارنة بـ"بيتكوين" يعزز الإقبال عليها من قبل قطاعات واسعة من الأشخاص الراغبين في الاستثمار في هذا المجال الواعد، دون أن يكون لديهم المقدرة على إشباع الرغبة الداخلية بأن يمتلكوا وحدة كاملة من "بيتكوين" مرتفعة الثمن.
وحول الوضع الحالي لعملة "إيثيريوم" يقول لـ"الاقتصادية" أندروا فيليب الخبير في مجال العملات الرقمية المشفرة، " تبلغ قيمة "إيثيريوم" الآن أكثر من عشرة أضعاف السعر الذي كانت عليه عندما وصلت إلى القاع خلال حالة الذعر التي أصابت الأسواق نتيجة وباء كورونا في آذار (مارس) 2020، لكن في 19 كانون الثاني (يناير) الجاري بلغ سعر "إيثيريوم" أعلى مستوى له على الإطلاق عندما بلغت 1440 دولارا، لتبلغ القيمة الإجمالية - سعر العملة الوحدة مضروب في عدد الوحدات المتاحة من العملة - لعملات إيثيريوم المتاحة 160 مليار دولار، وعلى الرغم من تراجعها منذ ذلك الحين فإنها تبلغ حاليا أكثر قليلا من 145 مليار دولار، لتساوي بذلك قيمة شركات عملاقة مثل ستاربكس".
ويضيف "يتداول حاليا ما يقرب من 114.5 مليون عملة إيثيريوم، وعلى الرغم من أن عمرها يزيد قليلا عن خمسة أعوام، فإنها تهيمين على نحو 16 في المائة من سوق العملات الرقمية المشفرة، والارتفاع الملحوظ في قيمتها يعود جزئيا إلى تدفق الأموال في الآونة الأخيرة على سوق العملات الرقمية المشفرة، التي ينظر إليها الآن بحسبانها أصولا آمنة نسبيا للقيمة، وتحقق عوائد إيجابية في المضاربة".
وفي الواقع فإن "إيثيريوم" التي تعمل على النظام التكنولوجي المعروف باسم بلوكتشين أو سلسلة الكتل حددت لأول مرة في عام 2013 من قبل "فيتاليك بوتيرين" البالغ من العمر 18 عاما، وهو شاب روسي نشأ في كندا، وقد أطلق منصته في تموز (يوليو) 2015، ويفتخر أنصار "إيثيريوم" والمدافعين عنها، بأن ارتفاع سعر عملتهم تجاوز حتى الارتفاع في سعر العملة الرقمية المشفرة رقم واحد "بيتكوين"، ويرجع ذلك التفوق من وجهة نظرهم – جزئيا – إلى عديد من التحسينات والميزات الجديدة التي سيتم طرحها خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وحول مستقبل "إيثيريوم" يقول لـ"الاقتصادية" ستان كريستوفر أحد الشركاء المؤسسين في شركة ليكودستوك التي تتعامل في مجال العملات الرقمية المشفرة قائلا، "في عام 2020 فهم العالم القيمة الجوهرية للعملات المشفرة وتحديدا "بيتكوين"، التي يمكن وصفها بأنها في عالم العملات المشفرة توازي النفط في عالم الطاقة، وعام 2021 سيكون عام "إيثيريوم" التي ستوازي في عالم العملات المشفرة الغاز الطبيعي في عالم الطاقة".
ويتوقع ستان كريستوفر أن تعزز "إيثيريوم" موقعها نظرا لتفوقها على "بيتكوين" في بعض الجوانب، وحول جوانب الاتفاق والاختلاف بين العملتين، مضيفا "كليهما عملات رقمية مشفرة يتم تداولها عبر الإنترنت ويتم تخزينها في أنواع مختلفة من محافظ العملات المشفرة، والرموز المشفرة المميزة لها تتصف بعد المركزية، أي لم يتم إصدارها أو تنظيمها من قبل بنك مركزي أو سلطة أخرى، وكلا العملتين يستخدم تقنية سلسلة الكتلة التي تشبه تقنية دفتر الأستاذ في النظام المحاسبي التقليدي".
لكنه يواصل قائلا، "مع تقنية سلسلة الكتلة التي اعتمدت عليها عملة "بيتكوين" أدرك الناس بعد فترة من الوقت أنه يمكن استخدامها لأغراض أخرى، فـ"إيثيريوم" اقترحت استخدام تلك التقنية ليس فقط في مجال النقود وإنما تخزين رموز الكمبيوتر واستخدامها في مجالات العقود والتطبيقات المالية اللامركزية، وسداد قيمة تلك العقود والتطبيقات المالية اللامركزية يتم بعملة إيثيريوم".
ويضيف "لهذا يمكن القول إن "بيتكوين" ليست إلا عملة رقمية مشفرة أما "إيثيريوم" فهي أكثر من عملة مشفرة، ونطاقها أوسع وأكثر قوة إذ يمكن اعتبار "بيتكوين" الإصدار الأول من العملات الرقمية المشفرة، أما "إيثيريوم" فهو الإصدار الثاني الذي تجنب الثغرات الموجودة في الإصدار الأول".
وتختلف شبكتا "بيتكوين" و"إيثيريوم" في جوانب تقنية، فعلى سبيل المثال يبدو "إيثيريوم" أكثر مرونة فمعاملة الأخيرة تتم في غضون 15 ثانية، بينما يتطلب الأمر عشر دقائق في "بيتكوين". لكن الأهم اختلاف أهداف الجانبين، فـ"بيتكوين" تهدف إلى أن تكون عملة أي وسيط للتبادل مخزنا للقيمة، و"إيثيريوم" لا تهدف إلى أن ترسخ نفسها كنظام نقدي بديل، لكن عملة لتسهيل وتسييل تشغيل العقود الذكية، حيث إن قيمة تلك العقود والتطبيقات ستدفع بـ"إيثيريوم"، وأنه كلما زاد الاتجاه لاستخدام العقود الذكية في مناحي الحياة المختلفة زاد الطلب على "إيثيريوم" وارتفع سعره.
مع هذا يظل هناك سؤالان جديران بالاهتمام، الأول يتعلق بالمؤشرات المتاحة التي تكشف مدى الاعتراف الدولي بـ"إيثيريوم" مقارنة بـ"بيتكوين"؟، والسؤال الثاني يتعلق بالأسعار المستقبلية المتوقعة لـ"إيثيريوم"؟.
يقول لـ"الاقتصادية" الدكتور جي. كريس أستاذ النقود والبنوك في جامعة نيكوسال، "ارتفاع الأسعار يكشف عن تزايد الطلب الذي يعبر عن مزيد من قبول المؤسسات بمنصة إيثيريوم، وفي الواقع فإن عددا ملحوظا من البنوك والشركات الدولية تستخدم المنصة وتقنية سلسلة الكتلة مما يحتمل معه استخدامهم لعملة "إيثيريوم" مستقبلا، وأبرزها بالطبع عملاق التجارة الإلكترونية "أمازون" وبنك جي بي مورجان وبنك سيتي جروب وبنك يو بي إس وعديد من شركات السلع والمشروبات وشركات الرعاية الصحية والتأمين الدولية وشركة أنتل ومحرك البحث الشهير جوجل".
وبالنسبة للأسعار يبدو الدكتور جي كريس أكثر تحفظا في تقديراته، وإن كان متفائلا تجاه الغد، مضيفا "سترتفع الأسعار في الفترة المقبلة مع إطلاق "إيثيريوم" 2.0، لكن بحلول آذار (مارس) المقبل ربما تنخفض إلى 900 دولار، وفي الأغلب سيبلغ المتوسط السعري لها هذا العام 1465 دولارا".
أما بالنسبة للأمد الطويل أي في عام 2025 و2030، فإنه يشير إلى أن الأمر قد يتطلب تحليلا أعمق، إذ إن الأعوام الخمسة المقبلة ستحدد ما إذا كانت "إيثيريوم" ستكون قادرة على تشكيل تهديد خطير لهيمنة "بيتكوين" أم لا، التي تهيمن حاليا على 66.4 في المائة من سوق العملات الرقمية المشفرة، ولا شك أنه إذا نجح إصدار "إيثيريوم" 2.0 فإنها ستكون خطوة مهمة على الطريق.
ويؤكد أن بعض الخبراء توقعوا أن تصل قيمة "إيثيريوم" إلى 100 ألف دولار عام 2025، كما ستصبح مخزونا أفضل للقيمة من الذهب.
لكن قناعة الدكتور جي كريس حول تلك التوقعات مبالغ فيها للغاية، مبينا أن سعر عملة "إيثيريوم" قد يراوح بين 8000 دولار كحد أدنى و16000 دولار حد أقصي بحلول عام 2025، على أن تصل بالفعل إلى 100 ألف دولار بحلول عام 2030 عندما تصبح سلسلة الكتلة الاقتصاد الرقمي الأول في العالم.
ويشير إلى أن "بيتكوين" ستتولى دور الذهب الرقمي ومخزن القيمة بينما ستصبح "إيثيريوم" المحرك الرئيس وراء تطوير صناعة البلوكتشين أو سلسلة الكتل.