رام الله-وفا-معن الريماوي-ألقت جائحة كورونا بظلال "قاتمة" على كافة مناحي الحياة الفلسطينية، لا سيما المنحى الاقتصادي، وأرغمت أسرا جديدة على دخول دائرة الفقر، نتيجة تبعاتها التي أدت لنزول العالم في حالة طوارئ.
وزارة التنمية الاجتماعية، توقعت أن تغير الجائحة من نسب الفقر في فلسطين، لترتفع من 29% لتصل الى 40% بعد الجائحة، إضافة لانضمام عشرات آلاف الأسر الى دائرة الفقر، معظمها من الضفة الغربية، حيث ستقفز نسبة الفقر في الضفة من 14% قبل الجائحة، لتصل الى 30%، وفي غزة من 53% لـ 64%.
الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أشار الى أن نسبة الفقر حسب احصاءات العام 2017، كانت 29%، ومع انتشار "كورونا"، تم تنفيذ مسح حسب التوصيات الدولية، وهو قياس أثر الجائحة على المجتمع والأسر الفلسطينية، والذي ظهر أن ما يقارب الـ600 ألف عامل توقفوا عن العمل الخاص، و113 ألف ضمن عمال المياومة.
وأضافت مدير دائرة احصاءات معايير المعيشة في الجهاز فداء توام، ان ما نسبته 42% من الأسر، انخفض دخلها للنصف أو أكثر خلال الجائحة، و41% من الأسر انخفضت نفقاتها الشهرية عن المواد الغذائية، و47% منها ليست لديها القدرة على أكل طعام صحي مغذٍ، وكلها مؤشرات تدل أن الوضع المعيشي كان هشًا، ومن المتوقع أن نسبة الفقر والبطالة في ارتفاع.
بدوره، قال وكيل وزارة التنمية الاجتماعية داود الديك إن المؤشرات حسب التقديرات الأولية تشير الى أن نسبة الفقر بسبب الجائحة سترتفع لتصل 40%، وهذا يعني دخول ما لا يقل عن 140 ألف أسرة لدائرة الفقر، الى جانب 300 ألف أسرة قبل "كورونا"، مرجحًا أن آثار الجائحة في الضفة أعمق منها في القطاع.
وأوضح أن كثيرًا من الأسر، تحديدًا العمال في قطاع الاقتصاد غير المنظم، وعمال المياومة ومن يعملون يومًا بيوم، قد خسروا عملهم، خاصة فترة الاغلاق وحالة الطوارئ في البلاد، فضلا عن كثير من المنشآت الصغيرة التي لم تحتمل آثار الإغلاق الاقتصادية والاجتماعية، وأغلقت أبوابها، أو سرحت موظفيها.
وقال إن بقاء هذه النسب لفترة طويلة أو مؤقتة يعتمد بالدرجة الأولى على نجاحنا في خطة التعافي الاقتصادي، مع توفير التمويل المناسب لها، فالحكومة قاربت على انجاز الخطة، ونأمل أن يكتب لها النجاح، دون اغفال التطورات السياسية، من حصار واجراءات الاحتلال وصفقة القرن وخطة الضم، والتي تؤثر على السياق الاقتصادي للمجتمع.
وأضاف :هناك حلول جاري العمل عليها في اتجاهين، الأول هو التركيز على توفير الدعم النقدي للجهات المتضررة، كالأسر الفقيرة وعمال المياومة، ونحن بصدد التحضير لبدء تنفيذ المشروع البنك الدولي والذي يستهدف 67 ألف أسرة من عمال المياومة والفقراء الجدد، وسنساعدهم بـ700 شيقل تدفع لمرة واحدة، إضافة لما نقوم به في الضفة وغزة من توفير الدعم والطرود الغذائية والقسائم الشرائية للمتضررين من الجائحة، والثاني هو أننا ننتظر أن تنطلق خطة التعافي الاقتصادي التي وضعتها الحكومة والتي تمثل الغلاف المالي والتمويل اللازم، وهناك تدخلات لإنقاذ المشاريع الصغيرة.
وتابع: لدينا برنامج تمكين اقتصادي فعال، يقدم منح وقروض للأسر الفقيرة، وكل التدخلات الجديدة التي تتضمنها خطة التعافي الاقتصادي، من توفير قروض بفوائد ميسرة لكثير من العمال الذين فقدوا عملهم، وهذا جزء أساسي من خطة التدخل المقبلين عليها. وهذا التمكين هو تدخل أساسي لنقل الأسر من الاحتياج الى الانتاج، وهو ما يحدث فرقًا أكثر من المساعدات، مشيرا الى المؤسسة الوطنية للتمكين الاقتصادي، التي أنشأت العام الماضي، وهي تعمل على الأرض، والتي تمكن النساء وأبناء الأسر الفقيرة والأشخاص ذوي الاعاقة، من خلال مشاريع صغيرة مدرة للدخل، أو حتى اكسابهم مهارات من أجل العمل، أو تدريبهم.
وأكد أن مكافحة الفقر لا تقوم على المساعدات فقط، بل على السياسات الاقتصادية وسياسات التشغيل والحماية الاجتماعية، ولا يمكن لوزارة وحدها أن تكافح الفقر، فالأمر بحاجة لتآزر كل المؤسسات في هذا الأمر، فالوزارة تغطي 30% فقط من الفقراء. لافتا الى أن المشكلة في الغلاف المالي لأن الموارد المالية المتاحة لا تسمح بتغطية عدد الفقراء أو زيادة مخصصاتهم.
وقال إن الوزارة قدمت دفعتين للفقراء منذ بداية العام، من أصل 4 دفعات، ونحن نصارع لتأمين الدفعة الثالثة.
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي نصر عبد الكريم: إن هناك ارتفاعا في معدلات الفقر نظرًا لاتساع دائرة البطالة، وهناك من يعمل براتب أقل من كامل لاعتبارات لها علاقة بظروف المؤسسة، والبعض الآخر يعمل بشكل جزئي، الأمر الذي جعل دخل الأسرة يتراجع بشكل كبير، وأصبح دخلهم غير كافٍ لتلبية احتياجاتهم.
وأضاف، عندما نتحدث عن نسبة فقر تصل لـ40%، هذا يعني أن حوالي 400 ألف أسرة ستكون ضمن دائرة الفقر، لأنها غير قادرة على تلبية احتياجات أفرادها، لافتا الى أن هناك بعض الفقر يكون مؤقتًا، ويزول بزوال المسبب.
وتطرق الى الحلول للحد من الفقر، أهمها: تقليل نسبة البطالة، وتوفير فرص عمل، وتوفير دخل من خلال مشاريع خاصة تكون مدرة للدخل، وبرامج إقراض تمويل لمشاريع صغيرة، إضافة للمساعدات العينية والنقدية للأسر، حيث إن هناك 80% من الأسر في قطاع غزة مصدر دخلها الوحيد هو المساعدات.