غزة-(شينخوا)- تنفس الفلسطيني سامر المشهراوي، الصعداء مع إعلان تخفيف السلطات المحلية في قطاع غزة القيود المفروضة لمكافحة انتشار مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19).
ويقول المشهراوي الذي يعمل سائق لسيارة أجرة، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "حياته انقلبت رأسا على عقب في ظل الإغلاق، ولم يتمكن من توفير المتطلبات الأساسية لعائلته لأكثر من أسبوعين".
ويضيف المشهراوي، وهو أب لستة أطفال "لم نتلق أي مساعدات مادية من أي جهة، ولولا وجود بعض المعلبات والقليل من الطعام لما وجدنا ما نأكله في المنزل".
ويوضح أنه يفضل التعايش مع مرض كورونا والعودة إلى عمله بدلا من "البقاء في المنزل لانتظار مستقبل مجهول في ظل عدم توفر إمكانيات طبية قادرة على القضاء على المرض".
وفرضت السلطات الحكومية التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة إغلاقا كاملا على القطاع المحاصر من قبل إسرائيل عقب اكتشاف أول أربع حالات إصابة داخل المجتمع المحلي في 24 من أغسطس الماضي.
ومنذ ذلك الحين، أغلقت السلطات الحكومية كافة المحال التجارية والمصانع والمولات والأسواق العامة وكافة المؤسسات التعليمية، بالإضافة إلى منع التجول بشكل كامل.
وأدى ذلك إلى تضرر كبير لعمال المياومة في غزة، فضلا عن خسائر اقتصادية كبيرة تقدر بملايين الدولارات الأمريكية، بحسب ماهر الطباع مدير العلاقات العامة في غرفة تجارة وصناعة غزة.
ويقول الطباع لـ(شينخوا) "إن قطاع غزة يعاني من أزمة اقتصادية متجذرة بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليه منذ 13 عاما، وأزمة كورونا فاقمت من تدهور الاقتصاد المنهار أصلا في القطاع".
ويوضح الطباع أن سكان غزة لن يتمكنوا من الصمود والبقاء في المنازل لفترة طويلة، خاصة في حال انتهى مخزون الطعام لديهم وعدم توفيره من المؤسسات الحكومية أو المانحة.
وتظهر بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ارتفاع معدل البطالة في الأراضي الفلسطينية إلى 27 في المائة في الربع الثاني من العام الحالي ارتفاعا من 25 في المائة في الربع الأول بفعل أزمة مرض فيروس كورونا.
وبحسب البيانات الرسمية فإن سوق العمل كان من أكثر القطاعات تأثرا بأزمة مرض فيروس كورونا، فيما لايزال التفاوت كبيراً في معدل البطالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، بحيث يصل إلى 49 في المائة في القطاع في الربع الثاني من هذا العام، مقارنة بـ 15 في المائة في الضفة.
وبعد عدة أسابيع من الإغلاق، أعلنت السلطات الحكومية في غزة تخفيف القيود المفروضة، خاصة في المناطق التي لم تسجل أعدادا كبيرة من الإصابات، بشرط التزام السكان بالتعليمات الحكومية والصحية.
ويقول المشهراوي "الجميع هنا يتحمل مسؤولية حماية نفسه وعائلته من الإصابة بالفيروس، دون إيقاف حياتنا اليومية، فنحن لن نتمكن من إعالة أسرنا ونحن محجورون في المنازل".
ويضيف "ببساطة لن نجد أحدا يطعم أطفالنا"، مشيرا إلى أن "الجهات الحاكمة سواء في الضفة الغربية أو غزة لا تمتلك القدرة المالية ولا الخبرة الاستراتيجية في التعامل مع مثل هذا الوضع غير المتوقع".
ولا يختلف الحال كثيرا بالنسبة للعشريني نضال محمد، من غزة الذي فضل المجازفة بخرق حظر التجوال بعد أقل من أسبوع من بقائه في المنزل كي يتمكن من الوصول إلى مكان عمله في مخيم المغازي للاجئين وسط القطاع.
ويقول محمد (28 عاما)، الذي يعمل في أحد المصانع ل(شينخوا)، إنه يعيش في منزل بالإيجار، وفي حال لم يتمكن من الدفع قد يتعرض للطرد".
ويصف رحلته اليومية للوصول إلى عمله بأنها "مغامرة ومخاطرة"، في ظل احتمالية إصابته بالمرض، إضافة إلى احتمالية اعتقاله من الشرطة في حال كشف أمره.
ويقول "كنت أضطر أن أستقل باصا خاصا بنقل البضائع يتبع للمصنع مع عشرة عمال آخرين، وعند وصولنا إلى حواجز الشرطة كنا نضطر لكتم أنفاسنا خوفا من اكتشاف وجودنا".
ويوضح أنه لا يجني الكثير من عمله "الشاق"، إلا أنه يكفي لسداد إيجار منزله وقوت يومه فقط، قائلا "لقمة العيش صعبة ولن يقبل بأن يصبح رهينة للفقر والعوز".
ومن وجهة نظره، يرى محمد أنه من الأفضل لسكان القطاع أن يبدأوا بالتعايش مع المرض، مع إتباع كافة التعليمات الصحية والوقائية.
ومع ذلك يقول الناطق باسم وزارة الداخلية في غزة إياد البزم، إنه "من المبكر الحديث عن مرحلة التعايش مع المرض، خاصة في ظل ارتفاع عدد الإصابات والوفيات".
ويضيف البزم أنه "يتوجب على المواطنين التعامل بجدية ومسؤولية في هذه المرحلة وعدم التهاون أو الاستهتار واتباع كل إجراءات السلامة والوقاية"، محذرا بأن "كل من يخالف التعليمات الحكومية والصحية يعرض نفسه للمساءلة القانونية".
وسجلت وزارة الصحة في قطاع غزة 2223 إصابة، و17 حالة وفاة حتى اللحظة، وحذرت من تدهور الأوضاع في حال استمر مرض فيروس كورونا بالتفشي بين السكان.