تقديرات: تراجع النمو الاقتصادي 6% إذا استمرت أزمة كورونا 6 أشهر

تاريخ النشر
تقديرات: تراجع النمو الاقتصادي 6% إذا استمرت أزمة كورونا 6 أشهر
مواطن في بيت لحم يقوم بإرتداء كفوف طبية قبل استخدام الصراف الآلي التابع لأحد البنوك في ظل جائحة كورونا-تصوير أحمد مزهر

رام الله-أخبار المال والأعمال- تشير تقديرات صادرة عن سلطة النقد الفلسطينية إلى أن النمو الاقتصادي سيتراجع بنحو 3.7% خلال الربع الأول من العام 2020، في حال امتد تأثير أزمة كورونا على الاقتصاد الفلسطيني أربعة أشهر (من آذار حتى حزيران)، أما في حال امتد تأثير الأزمة ستة أشهر حتى شهر آب، فمن المتوقع تراجع النمو الاقتصادي خلال الربع الثالث بنحو 6%.

تأتي هذه التقديرات ضمن ورقة موقف أعدتها دائرة الأبحاث والسياسة النقدية في سلطة النقد بعنوان "الآثار الاقتصادية المتوقعة لأزمة فيروس كورونا على الاقتصاد الفلسطيني خلال العام 2020".
وتطرقت الورقة إلى حجم الضرر المتوقع على الاقتصاد الفلسطيني جراء تداعيات انتشار هذا الفيروس، وفقاً لتقديرات سلطة النقد بالاستناد إلى سيناريوهين: الأول استمرار الأزمة لمدة أربع شهور، والثاني استمرارها لمدة ستة شهور.

السيناريو الأول: امتداد تأثير أزمة كورونا على الاقتصاد الفلسطيني أربعة شهور (آذار حتى حزيران).

يستند هذا السيناريو بدرجة أساسية على بعض الإجراءات التي أعلنتها الحكومة خلال هذه الفترة واستمرارها، إضافة إلى الإجراءات الإسرائيلية، لفترة زمنية تمتد حتى نهاية الربع الثاني من العام 2020، وذلك على خلفية تزايد حدة وشدة هذه الأزمة وبالتالي تزايد آثارها المتوقعة.
إذ من المتوقع أن تشهد استمرار توقف القطاع السياحي بشكل كامل، واستمرار إغلاق جزئي للمطاعم والمقاهي والنوادي الرياضية بشكل كلي، واستمرار إغلاق المدارس والجامعات وكافة المؤسسات التعليمية، إجراءات تقليل الحركة بين المحافظات ووقف المواصلات العامة، ومنع توجه العمال إلى المستوطنات وإسرائيل.

كما يستند على انخفاض ملحوظ على التجارة الخارجية نتيجة للحالة العالمية والإجراءات المتخذة لمكافحة الفيروس، وإعفاء الأمهات العاملات من الذهاب للعمل مع استمرار دفع أجورهن، وانخفاض عدد العمال الفلسطينيين في إسرائيل بشكل ملحوظ بنحو 30% خلال الربع الثاني 2020، ونحو 10% خلال الربع الثالث من العام نفسه، وإغلاق المعابر الحدودية مع العالم الخارجي، وزيادة الإنفاق الحكومي على قطاع الرعاية الصحية.

ووفقا للسيناريو الأول، من المتوقع أن يتراجع النمو الاقتصادي بنحو 3.7% خلال الربع الأول من العام 2020، لينخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى .03,810 مليون دولار مقارنة مع 3,956.1 مليون دولار خلال الربع الأول من عام 2019، متأثرا بتراجع الاستهلاك الخاص والاستثمار بنحو 4.5% و7% خلال نفس الفترة، نتيجة تراجع معظم الأنشطة الاقتصادية خلال هذا الربع، على أن يكون الأثر الأكبر لهذا التراجع في قطاع الخدمات خاصة القطاع السياحي والإقامة والطعام الذي يتوقع أن يتراجع بنحو 25% خلال هذا الربع، كما يتوقع أن تتراجع أنشطة الفنون والترفيه والتسلية بنحو 20% تقريبا.
كذلك يتوقع أن يتراجع نشاط النقل والتخزين بنحو 15% خلال نفس الربع، نتيجة إغلاق المؤسسات التعليمية وبعض المنشآت مثل المقاهي والمطاعم والنوادي الرياضية وتوقف الحركة السياحية خلال شهر آذار بناء على قرار الحكومة بهذا الخصوص.

ويتوقع أيضا أن تتراجع الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالتجارة الخارجية مثل الصناعة التحويلية واستخراج الحجر، نتيجة لانخفاض التصدير أو من خلال انخفاض مدخلات الإنتاج نتيجة لتراجع الواردات.

وكنتيجة حتمية لتراجع الأنشطة الاقتصادية وتراجع الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار خلال الربع الأول 2020، بسبب التخوف من استمرار الأزمة وتراجع الدخل، فمن المتوقع أن تنخفض الإيرادات الحكومية بنحو ملحوظ. إذ يتوقع أن تتراجع إيرادات ضريبة القيمة المضافة على الواردات خلال الربع الأول بنحو 13% والرسوم الجمركية بنحو 8%، كما يتوقع أن تتراجع إيرادات الضريبة المحلية نتيجة لقرار الحكومة بتأجيل تحصيل رسوم الخدمات الحكومية. وفي المقابل، من المتوقع أن يرتفع الإنفاق الحكومي الاستهلاكي وتحديدا في مجال الصحة خلال نفس الفترة.

كما يتوقع وفقا لهذا السيناريو أن تزداد حدة الأزمة خلال الربع الثاني من العام 2020، نتيجة زيادة حدة الإجراءات والتدابير المتخذة من قبل الحكومة الفلسطينية وإسرائيل على حد سواء، خاصة فيما يتعلق بالعمال الفلسطينيين في إسرائيل. إذ يتوقع تراجع النمو الاقتصادي بنحو 8.9% خلال الربع الثاني 2020 لينخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى نحو 3,532.8  مليون دولار مقارنة مع 3,876.6 مليون دولار خلال الربع الثاني من عام 2019، جراء تراجع القيمة المضافة في كل من القطاع السياحي وأنشطة وخدمات الإقامة والمطاعم بنحو 65% خلال هذا الربع، وتفاقم العجز في الميزانية العامة، وارتفاع ملحوظ في معدلات البطالة جراء انخفاض عدد العمال الفلسطينيين في إسرائيل، مع تراجع في معدلات التضخم نتيجة تراجع الطلب، حيث يتوقع أن يتراجع الاستهلاك الكلي بنحو 12% والإنفاق الاستثماري بشقيه الخاص والعام بنحو 17% في حال استمرار هذه الأزمة حتى نهاية الربع الثاني 2020.

ومن المتوقع أن تمتد آثار هذا السيناريو لتطال الجهاز المصرفي، حيث يتوقع أن يتراجع الائتمان الممنوح بنحو 1% خلال الربع الثاني 2020، مقابل تباطؤ أكبر في معدلات نمو الودائع ليصبح نحو 4.6% خلال نفس الفترة، وذلك جراء تزايد حالة الخوف لدى المواطنين من احتمالية إغلاق المصارف كما حدث في بعض الدول المجاورة.

ومن المتوقع أن يتفاقم أثر هذه الأزمة على مالية الحكومة نتيجة لزيادة حدة الإجراءات المتبعة وامتدادها لفترة أطول (حتى نهاية الربع الثاني). إذ يتوقع أن تتراجع الإيرادات الجمركية في ظل هذا السيناريو بنحو 25% خلال الربع الثاني، كما يتوقع أن تتراجع الإيرادات المتحصلة من ضريبة القيمة المضافة على الواردات بنفس النسبة تقريبا خلال الفترة نفسها.

السيناريو الثاني: امتداد تأثير الأزمة على الاقتصاد الفلسطيني 6 شهور (آذار حتى آب)

وفي حال حدوث هذا السيناريو واستمرار الإجراءات السابقة لتمتد حتى نهاية الربع الثالث 2020. فمن المتوقع تراجع النمو الاقتصادي خلال الربع الثالث بنحو 6% (لينخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 3,680.6 مليون دولار مقارنة مع 3,915.3 مليون دولار خلال الربع الثالث من عام 2019)، على إثر تراجع كل من الاستهلاك الخاص بنحو 9%، والاستثمار بنحو 12%.

كما يتوقع أن يستمر ارتفاع معدلات البطالة بشكل ملحوظ نتيجة للإجراءات المقرة بحق العمالة الفلسطينية في إسرائيل.

أما على صعيد الأنشطة الاقتصادية، فيتوقع أن يستمر التراجع في معظمها نتيجة استمرار الإجراءات الوقائية لمواجهة ومنع انتشار الفيروس. إذ يتوقع استمرار تراجع القيمة المضافة في نشاط الإقامة والغذاء بنحو 50% خلال الربع الثالث 2020، وأن تتراجع القيمة المضافة في قطاع السياحة والترفيه والتسلية بنفس النسبة تقريبا. وفي هذا الإطار من المتوقع أن تتراجع الإيرادات الجمركية بنحو 21% خلال الربع الثالث، فيما يتوقع تراجع الإيرادات المتحصلة من ضريبة القيمة المضافة على الواردات بنحو 14% خلال نفس الفترة.

كما يتوقع استنادا لهذا السيناريو أن يتراجع حجم الائتمان المقدم من قبل المصارف بنحو 1.5% خلال الربع الثالث 2020، في حين يتوقع أن ترتفع الودائع بنحو طفيف جدا (0.9%) مقارنة بالربع المناظر.

ونوهت "ورقة الموقف" إلى أن الإجراءات التي قامت بها سلطة النقد ركزت على ضخ مزيد من السيولة في الاقتصاد، للتخفيف من تداعيات الأزمة، وكذلك لتحفيز النشاط الاقتصادي، مشيرةً في ذات الوقت إلى أن النتائج التي توصلت إليها لا تزال أولية وغالباً ما سيتم تعديلها في ضوء تطورات ومجريات الأوضاع، وتأثيراتها المتوقعة على السيناريوهات المتعلقة بالنمو الاقتصادي المتوقع ومدى تراجعه.