رام الله-وفا-ضاعفت الأجهزة الفلسطينية الرسمية المختصة جهودها، بدعم الهيئات المحلية ولجان الطوارئ في مختلف محافظات الضفة الغربية، للحد من انتشار عدوى فيروس "كورونا" عبر أراضي الـ48، وللحفاظ على سلامة العمال الفلسطينيين وعائلاتهم.
وقال وزير العمل نصري أبو جيش، إن الوزارة تتابع عن كثب وباهتمام شديد قضية العمال العائدين من داخل أراضي الـ48، وكيفية التعاطي معهم للحفاظ على حياتهم وعوائلهم، من مخاطر انتشار وباء "كورونا" المستجد.
وأكد أبو جيش بينما كان يتفقد المعبر الشمالي في محافظة قلقيلية، إضافة إلى معبري الطيبة وجبارة في طولكرم، "سيتم مراقبة تحركات العمال وحصرهم، لتقديم الإجراءات الصحية الوقائية لهم، لتجنب أي مخاطر محتملة بفعل الوباء".
وطالب العمال بضرورة الذهاب إلى أقرب مركز طبي والتواصل مع الجهات المختصة من تلقاء أنفسهم، لما له من أهمية قصوى لتجنبهم من أي مخاطر قد تلحق بهم لاحقا، أو لعائلاتهم.
بدوره، قال محافظ قلقيلية رافع رواجبة إن هذه الجولة "تأتي في إطار المتابعة الحثيثة للوقوف على وضع العمال ومنع انتشار وتفشي الوباء، مشيرا إلى أن "الوضع داخل أراضي الـ48 والمستوطنات خطير جدا، ما يتطلب جهدا مضاعفا من كافة المؤسسات والأفراد، لتجنيب شعبنا هذا الوباء الخطير".
واتخذت إجراءات مشددة في كافة المحافظات للتعامل مع العمال العائدين من داخل اراضي الـ48، لحمايتهم وحماية أسرهم ومجتمعاتهم المحلية، فيما شكّلت لجان طوارئ مشتركة من تنظيم حركة فتح والهيائات المحلية في كل التجعات السكانية، المدن وأحيائها والقرى والمخيمات، للمساعدة في ضبط حركة العمال والتأكد من التزامهم الحجر الصحي المنزلي، وإجراء الفحوصات لمن يلزم وفقا لقرارات الجهات الصحية.
من جهته، قال محافظ جنين أكرم الرجوب إن المحافظة خصصت حافلتين مجهزتين بطاقمين طبيين ووسائل الوقاية اللازمة، تتواجدان على مدار الساعة قرب حاجزي الجلمة شمالا وبرطعة غربا، للتأكد من سلامة العمال ونقلهم بطريقة سليمة للحجر الصحي المنزلي.
وأضاف الرجوب "منذ إعلان حالة الطوارئ، وضعنا خطة، حيث قسمنا عمالنا داخل أراضي الـ48 الى فئتين، الأولى تضم الذين تتطلب أعمالهم الاحتكاك مع الناس كعمال الفنادق والمطاعم وما شابه، وهؤلاء عددهم حوالي 150 عاملا، وعادوا جميعهم تقريبا، وتتواصل معهم مديرية الصحة باستمرار لمتابعة أوضاعهم، والثانية تتضمن أولئك الذين لا تتطلب أعمالهم الاحتكاك مع أحد كعمال البناء والانشاءات ويشكلون العدد الأكبر".
وتابع: طواقم الصحة تأخذ عينات للفحص من كل من تشتبه باصابته وفقا لمعايير محددة، والحمد لله جميع العينات التي فحصت كانت نتيجتها سلبية، وبغض النظر عن نتائج العينات، وطبيعة العمل الذي يمارسه العامل، فإن الجميع يخضعون لحجر صحي منزلي لمدة أسبوعين".
ولفت الرجوب إلى أن عدم التزام بعض العمال بتعليمات الحجر، سيفرض عليهم الحجر بشكل إجباري.
وأضاف: "تلقينا شكاوي من عائلات بأن أبناءهم لا يلتزمون بالحجر الصحي في المنازل، فتحركت قوى الأمن واحضرتهم، وعددهم ستة، للحجر الإجباري في المركزي الكوري المخصص لهذه الغاية في المحافظة".
وأكد محافظ جنين أن "الحجر المنزلي يتابع من قبل الشرطة والهيئات المحلية ولجان الطوارئ".
وتابع: هذه هي الامكانيات المتوفرة والالية المتبعة، وأعتقد انها تفي بالغرض حاليا، ونامل ألا نصل الى وضع كما حصل في بدو".
من ناحيته، أكد محافظ طولكرم عصام أبو بكر توجيهات الرئيس محمود عباس وتعليمات رئيس الوزراء محمد إشتيه باتخاذ المزيد من الإجراءات الوقائية والاحترازية، وتكثيف العمل لمنع انتشار فيروس كورونا، مثنيا على جهود وزير العمل والدور الذي تقوم به الوزارة لمتابعة عودة عمالنا إلى منازلهم.
وشدد على أهمية عدم توجه عمالنا إلى الداخل، مشيرا إلى اتخاذ الإجراءات من المؤسسة الأمنية والتدخل من خلال الشراكة البلديات والمجالس المحلية لمنع تهريب العمال عبر فتحات الجدار، علاوة على العمل والجهد المتواصل لاستقبال عمالنا العائدين من هناك، واتخاذ الإجراءات الصحية اللازمة بهذا الخصوص، على أن يلتزموا بالحجر المنزلي لـ 14 يوماً.
وقدم المحافظ أبو بكر شرحاً عن مراكز الحجر الصحي، ومراكز الفرز التي تم تجهيزها على مستوى المحافظة، والاستمرار بالعمل لتجهيز مواقع أخرى بالشراكة مع البلديات والمجالس المحلية والجهات المختصة ذات العلاقة، إضافة لتشكيل صندوق طوارئ يعني بمواجهة خطر انتشار فيروس كورونا وتنظيم هذه العملية وفق قرار مجلس الوزراء.
من جهته، قال مسؤول اللجنة الاعلامية والتعبوية في حركة فتح اقليم جنين نصري حمامرة، إن الاقليم شكل لجان طوارئ في جميع التجمعات السكانية الـ72 في المحافظة، بشراكة مع الهيائات المحلية فيها، تعمل على مساعدة العمال العائدين من أراضي الـ48، ومتابعة حجرهم صحيا في المنازل، والمتابعة مع الشركة واجهزة الامن ومديرية الصحة لضمان التزامهم.
وقال حمامرة لـ"وفا": "بصراحة، نحن نملك قنطار وقاية لكننا لا نملك الا القليل من العلاج، هناك ضغط شديد على النظام الصحي، لهذا شكلنا هذه اللجان وطلبنا منها الاستعانة بشخصيات اعتبارية في كل موقع لضمان الالتزام الطوعي لكل من يلزم حجره صحيا، وخصوصا عمالنا العائدين من اراضي الـ48".
وأعد اتحاد نقابات العمال قائمة بالعمال من محافظة جنين الذين يعملون في أراضي الـ48، تضم نحو 8 آلاف عامل، موزعين على مختلف التجمعات السكانية في المحافظة، بهدف مساعدتهم ومتابعتهم من الجهات ذات الاختصاص ولجان الطوارئ.
وقال حمامرة: "جزء منهم لم يدخل إلى أراضي الـ48 منذ فترة ليست قصيرة، ولجان الطوارئ والجهات المختصة تعمل على متابعة جميع الحالات للتأكد من اتباع اجراءات وتعليمات وزارة الصحة".
وفي الخليل، تعمل الطواقم الطبية والبلديات ولجان الطوارئ والمتطوعين لفحص الآلاف من العمال العائدين من أراضي الـ48 عبر معبر ترقوميا، للتأكد من سلامتهم وعدم إصابتهم بفيروس كورونا المستجد.
وشهد المعبر، يوم الخميس، توافدا كبيرا للعمال الفلسطينيين بعد إغلاق كافة الورش والمنشآت في الداخل، ما تسبب بحالة من الخوف لدى العمال والأهالي من انتقال العدوى ونقل الفيروس لبيوتهم.
من جانبه، قال الدكتور أحمد البطران، من لجنة الطوارئ الطبية التي شكلتها بلدية إذنا، إن اللجنة افتتحت مركزا لفحص العمال العائدين من المناطق الموبوءة، حيث يتم إجراء الفحوصات الأولية لهم، مبديا ارتياحه "للوعي والتعامل المسؤول" الذي يبدي العمال العائدين، وادراكهم لخطورة الاوضاع، والتزامهم بالتعليمات الصادرة عن الحكومة ووزارة الصح.
ووقف البطران على بعد أمتار من العمال الخاضعين للفحوصات، مقدما لهم جملة من النصائح والإرشادات، ويحثهم على الالتزام بالحجر الصحي لمدة 14 يوما كإجراء احترازي.
وبالقرب من المعبر، اصطفت سيارة تضم أطباء محصنين بستر واقية بقيادة مدير صحة الخليل وهيب سلطان، أعدت خصيصا لنقل الحالات المصابة، أو التي تظهر عليها أعراض، حيث تم أخذ ستة عينات لعمال مشتبه بهم بعد ظهور أعراض لديهم للتأكد من خلوهم من الفيروس.
وقال سلطان "بروح التعاون وتظافر الجهود ما بين المؤسسات الصحية والبلديات والمتطوعين وغيرهم سننتصر على كورونا"، مشيرا إلى أن العمال بعد خروجهم من المعبر مباشرة يصطفون لإجراء الفحص لهم للاطمئنان على حالتهم.
بدوره، قال العامل أحمد الدرابيع "عشت ثمانية أيام من الرعب والخوف خلال عملي داخل أراضي الـ48، الوضع سيء والشوارع خالية، وكنا نعاني من سوء السكن وقلة الاهتمام خلافا لما وعدنا به من أرباب العمل".
وأضاف: "أشعر بارتياح بعد إجراء الفحص من قبل الطواقم الطبية المتمركزة على المعبر، أولادنا وأهلنا أغلى ما نملك"، داعيا كافة العمال إلى الالتزام بالتعليمات والإرشادات الهادفة للحفاظ على صحتهم عائلاتهم.
وعلى بعد أمتار من المعبر، ايضا، يقف الطبيب عدنان قباجه، ليقدم التعليمات لطابور المركبات التي تقل العمال، ويطالبهم بعد إخضاعهم للفحص الميداني الالتزام بالتعليمات، مشيرا إلى أن مئات العمال تم فحصهم في ساعات قليلة، وتوقع أن يشهد المعبر توافدا كبيرا للعمال لا سيما بعد قرار حكومة الاحتلال بوقف العمل.
وقال رئيس قسم الطب الوقائي في جنوب الخليل معتصم القواسمي لـ "وفا"، أثناء تواجده على معبر بئر السبع "ميتار"، إن طواقم الطب الوقائي التابعة لوزارة الصحة، تواجدت منذ صباح اليوم على الحواجز الرئيسية التي يعبر من خلالها العمال الفلسطينيين، لاجراء الفحوصات الطبية اللازمة والاطمئنان على صحتهم، وتوجيه الإرشادات الضرورية لهم.
وأضاف القواسمي، انه تم إجراء الفحص لعدد كبير من العمال الذين عادوا استجابة لنداء رئيس الوزراء لهم بالعودة الى منازلهم، موضحا ان عملية الفحص تشمل اخذ العينات في حالة الضرورة، وكذلك الحصول على كافة المعلومات الطبية المتعلقة بكل عامل، بالإضافة الى بياناته الشخصية لضمان عملية التواصل لاحقا إذا اقتضت الضرورة لذلك.