رام الله-أخبار المال والأعمال-الآلاف من العمال والتجار الفلسطينيين من الضفة الغربية، الذين يعملون في البناء والزراعة والصحة، توجهوا يوم الأربعاء، إلى إسرائيل بعد الإعلان عن السماح لهم بالمبيت لمدة شهر إلى شهرين على مسؤولية مشغّليهم، ولن يسمح لهم بالعودة إلى بيوتهم كالمعتاد إلا بعد انقضاء المدة، أو سيفقدوا عملهم إذا عادوا لأنهم لن يتمكنوا من العبور مرة أخرى عبر الحواجز الإسرائيلية، وذلك في إطار مواجهة "فيروس كورونا".
ووفقا لصحيفة يديعوت آحرونوت الإسرائيلية، فإن العديد من العمال الفلسطينيين اضطروا لدفع تكاليف المبيت من جيوبهم، في الوقت الذي يقول فيه أصحاب العمل أنهم لا يستطيعون تحمل هذه النفقات.
على حاجز الطيبة قرب طولكرم، عبّر العديد من العمل عن قلقهم بشأن التعليمات الجديدة التي أعلن عنها وزير الجيش الإسرائيلي نفتالي بينت، في ظل تنكّر المشغّل الإسرائيلي لهم في مسألة توفير المبيت.
وذكر الكثير منهم أنهم لن يتمكنوا من المبيت على نفقتهم الخاصة، معربين عن أملهم في أن يتمكنوا من العودة إلى بيوتهم في غضون أيام قليلة.
وقال العامل في قطاع البناء علي محمود من نابلس، إنه يعمل في أراضي الـ48 منذ ما يقارب الخمس سنوات، يخرج كل يوم إلى العمل ويعود إلى بيته، مشيراً إلى أنه فوجئ بالقرارات التي اتخذت بسبب "الكورونا".
وأضاف: "نحن العمال ندفع الثمن. بالأمس اتصلت بصاحب العمل وسألته إذا كان بإمكانه تأمين المبيت لي، ورد عليّ أنه لا يستطيع، وأن المبيت على نفقتي الخاصة وليس على نفقته".
ويرى محمود، وهو أب لأربعة أطفال، إنه ليس لديه خيار آخر، لذا دخل إسرائيل على الرغم من أن صاحب العمل رفض توفير المبيت له. وقال: "اضطررت للذهاب إلى العمل وجلب بعض المال على الأقل، وعدم رؤية أطفالي يموتون من الجوع. وفي النهاية رتبت مكاناً للنوم مقابل 700 شيكل في الشهر".
بدوره، قال المقاول الذي يعمل معه محمود، "لدي عشرة عمال فلسطينيين، وإذا كنت أريد دفع إيجار لكل عامل فسوف أخسر في النهاية".
وأضاف: "كان ينبغي على الدولة أن تفكر فينا... ببساطة أولئك الذين اتخذوا هذه القرارات هم أشخاص غير مسؤولين وكان هدفهم على الأرجح إيذاء العمال".
وقال صاحب عمل آخر، من منطقة المثلث، إنه واجه صعوبة في توفير المبيت لموظفيه. "لدي خمسة عمال. رتبت لهم مكاناً للنوم، لكنهم سيتكفلون بباقي النفقات. لا أعرف كيف أتعامل مع الوضع. ومع ذلك، فقد تراجع العمل ولا أملك المال الكافي لجميع النفقات. الحكومة تريد فقط إلقاء كل شيء علينا".
وعند حاجز الطيبة، قال العامل سعيد من سكان عنبتا: "أعمل في البناء منذ ما يقارب سبع سنوات ولم أواجه أي تعليمات من هذا القبيل. نحن بشر أولاً ونكافح لتأمين لقمة العيش لعائلاتنا. في الوضع الجديد رمونا مثل الكلاب، صاحب العمل غير مستعد لدفع تكاليف المبيت والطعام. كل هذا يجب أن يكون على نفقتي ما يعني أن نصف راتبي سيذهب".
وأضاف: "ما يمكنني فعله هو استئجار مكان للمبيت مع سبعة أشخاص على الأقل، وهو أمر خطير أيضًا بسبب فيروس كورونا. وإذا أصيب العمال بالفيروس فإن الحكومة الإسرائيلية تتحمل المسؤولية. باقي المصاريف سأدفعها من جيبي أيضا... لكن وضعي الاجتماعي والاقتصادي يجبرني على إغلاق فمي والاستمرار في العمل رغم المعاناة والألم".
من جانبه، قال تيسير عبد الرحيم من سكان نابلس إنه قلق من العدوى بفيروس كورونا، لكن ليس لديه خيار سوى مواصلة العمل في إسرائيل.
وأضاف: عائلتي تنتظر مني أن أحضر لهم المأكل والمشرب. سيتعين عليّ أن أتكلف بتوفير مكان للمبيت".
وتابع: "لا أعتقد أن صاحب العمل يمكنه أن يوفّر لي مكانا للنوم، لأن ما حدث كان مفاجئًا. يمكنه الترتيب لي لمدة يومين أو ثلاثة أو أسبوعًا، ثم سيبدأ في الشكوى. وفي النهاية سأدفع من جيبي للمبيت في مكان مناسب. جيد".
وختم: "الجميع خائفون من الفيروس. ربما في غضون أيام سيصاب أحدهم بالفيروس وإذا عاد إلى عائلته، ستصاب بأكملها".
وزير العمل الفلسطيني يحمل المشغل الإسرائيلي مسؤولية عودة العمال للضفة لعدم توفر مبيت آمن
حمل وزير العمل نصري أبو جيش المشغل الإسرائيلي المسؤولية في توفير شروط الصحة والسلامة المهنية وخصوصا الوقائية من مرض كورونا، للعمال الفلسطينيين.
وقال أبو جيش في تصريح صحفي، اليوم الخميس، انه تم الاتفاق مع الجانب الإسرائيلي على مبيت 75 ألف عامل في أراضي الـ48، ضمن شروط صحية ومبيتية آمنة، ضمن مفهوم العمل اللائق.
وأشار إلى أن عددا من العمال الذين توجهوا للعمل في أراضي الـ48، لم تتوفر لهم شروط العمل اللائق، ما جعل البعض يعود إلى بيته، وذلك ينافي الاتفاق الذي تم مع الإسرائيليين لتوفير مبيت آمن للعمال.
وشدد على ضرورة معرفة العامل حقوقه كاملة التي يجب أن يوفرها المشغل الإسرائيلي، لضمان سلامته، وبالتالي سلامة عائلته والمجتمع الفلسطيني.
وناشد أبو جيش العمال بأخذ شروط الصحة الوقائية كافة، من أجل سلامتهم أولا وأخيرا، مطالبا منظمة العمل الدولية بمتابعة إجراءات الوقاية ومتابعة ظروف وشروط العمل والمبيت الآمن لعمالنا داخل أراضي الـ48، وذلك لتجنب إصابتهم بفيروس "كورونا".
وأكد أن أي إصابة بفيروس كورونا لعمالنا، يتحمل مسؤوليتها ويتكفل بها الجانب الإسرائيلي حتى شفائهم.