رام الله-أخبار المال والأعمال-قررت الحكومة الفلسطينية، في جلستها الأخيرة التي عقدتها في مقر مجلس الوزراء في رام الله، العمل على وقف ظاهرة سماسرة تصاريح العمّال الفلسطينيين في إسرائيل بكل الوسائل.
وأشاد أمين عام اتحاد نقابات عمال فلسطين، شاهر سعد، بقرار مجلس الوزراء، معتبراً أن ظاهرة سماسرة التصاريح بغيضة نمت في السوق السوداء وخارج نطاق القانون وبعيداً عن وضوح الاتفاقيات الفلسطينية الإسرائيلية، الحاكمة للعلاقة بين السلطة الوطنية الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي.
وتسببت هذه الظاهرة وفقاً لسعد، بإثقال كاهل العمال الفلسطينيين، لقيام سماسرة إسرائيليين وفلسطينيين، ببيع أذون الدخول المسبقة لإسرائيل للعمال الذين يرغبون بالوصول لسوق العمل الإسرائيلي طلباً للعمل مقابل المال؛ علماً أن تلك التصاريح متاحة أصلا بالمجان!
وأشار الى أن حكومة الاحتلال منحت امتياز منح التصاريح، لأرباب عمل وضباط مخابرات إسرائيليين، استعانوا بمتعاونين محليين، بحيث أصبح سعر تصريح الدخول الواحد يتراوح ما بين 2000-6000 شيكل إسرائيلي.
وقال سعد: إننا نتحدث عن وثائق حكومية تصدر عن جيش الاحتلال الإسرائيلي، ولا تطبع أو تختم دون علم الحكومة الإسرائيلية، لكنها وبعلم تلك الحكومة تباع في السوق السوداء من قبل من تمنحهم إياها، وهو ما يمنحنا التأكيد الوافي على أن الحكومة الإسرائيلية هي مسبب وباعث وراعي هذه الظاهرة غير القانونية، المخالفة للاتفاقيات الاقتصادية الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، ومنها اتفاقية باريس سيما المادة (37) منها، التي حددت مرجعية دخول وخروج العمال من وإلى إسرائيل بمكاتب الاستخدام الإسرائيلية والفلسطينية، وليس سماسرة بيع التصاريح أو غيرهم، ومخالفة اتفاقية العمل الدولية (101) التي لا تجيز حصول طالب العمل على فرصة عمل مقابل المال، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (44) بشأن البطالة لعام 1934.
واعتبر سعد أن قرار الحكومة برئاسة محمد اشتية لعقده العزم على قيادة الجهد الوطني في التصدي لسماسرة بيع التصاريح وقطع دابر وجودهم، سيكون له عظيم الأثر على الاقتصاد الفلسطيني الذي يخسر بسبب هذه الظاهرة حوالي مليار دولار سنوياً، هي ثمن 80000 تصريح تصدرها الحكومة الإسرائيلية لتباع في السوق السوداء.
في المقابل، شكّك عمال فلسطينيون في أحاديث منفصلة لموقع "أخبار المال والأعمال"، من قدرة الحكومة الفلسطينية على وقف ظاهرة سماسرة تصاريح العمل في إسرائيل، مشيرين إلى أنهم استمعوا إلى وعود كثيرة بهذا الشأن ولكنها لم تنفذ على أرض الواقع.
وأكد العمال أن وقف ظاهرة سماسرة التصاريح ستوفّر كثيراً على العمال الذين يضطرون شهرياً لدفع مبلغ من المال للحصول على تصريح.
ويعمل في إسرائيل قرابة 200 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية، يصل دخلهم السنوي إلى نحو 12 مليار شيكل.
وقال رئيس هيئة الشؤون المدنية الوزير حسين الشيخ في لقاء مع القطاع الخاص برام الله، مؤخراً، أن السلطة الفلسطينية تطالب الحكومة الإسرائيلية بتحويل رواتب العمّال عبر البنوك، لكنها ترفض ذلك بسبب "العمل الأسود (غير القانوني)".
وكان البنك المركزي الإسرائيلي قد دعا الحكومة الإسرائيلية، مؤخراً، إلى تخفيف القواعد للعمال الفلسطينيين الذين كثيرا ما يشترون تصاريح عمل في إسرائيل بطريقة غير مشروعة للالتفاف على قيود تربطهم بصاحب عمل واحد.
وأظهر بحث من بنك إسرائيل أن نحو 20 ألف عامل فلسطيني، أو 30 في المئة من قوة العمل الفلسطينية في إسرائيل، يدفعون رسوما شهرية للحصول على تصريح للعمل مع جهة واحدة ثم يعملون بطريقة غير قانونية لدى أخرى.
ومع تجاوز نسبة البطالة في الضفة الغربية وقطاع غزة 30 في المئة يعمل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، معظمهم من الضفة الغربية المحتلة، بصورة غير قانونية في إسرائيل في وظائف تدر أجرا أعلى من الوظائف المتاحة في الأراضي الفلسطينية.
وأظهر البحث أن ثلاثة أرباع الفلسطينيين الذين اشتروا تصاريح عمل يعملون في قطاع البناء. وقدر البحث العائد السنوي من تجارة تصاريح العمل بنحو 480 مليون شيكل (137 مليون دولار) يجني منها سماسرة التصاريح نحو 120 مليون شيكل.
وذكر التقرير أن الرسوم الشهرية التي تبلغ 2000 شيكل تقلص من أي مكاسب يحققها العمال. ويحصل الفلسطينيون الذين يشترون تصاريح العمل على عشرة آلاف و100 شيكل شهريا في المتوسط مقابل 7800 شيكل لمن يحصلون عليها بطريقة قانونية.
وحث بنك إسرائيل الحكومة على تطبيق إصلاحات في نظام تصاريح العمل تمت الموافقة عليها في 2016 للسماح للعمال الفلسطينيين بالعمل لدى أرباب عمل مختلفين.
وقال البنك "من المتوقع أن يعزز (إلغاء) الالتزام المفروض على الفلسطينيين بالعمل فقط لدى جهة محددة سلفا، كفاءة توزيع العمال الفلسطينيين وزيادة إنتاجيتهم ودخلهم، (و) يقلل بشكل كبير من الاتجار غير المشروع في تصاريح العمل".