رام الله-وفا- محمد عواد-أثار قرار الحكومة منع استيراد العجول من إسرائيل مؤخرا، ضجة في الشارع الفلسطيني بين مؤيد ومعارض، والجدوى الاقتصادية منه، في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية الناجمة عن احتجاز إسرائيل عائدات الضرائب الفلسطينية "المقاصة".
واستند المؤيدون للقرار في رأيهم إلى أنه يأتي في إطار خطة الحكومة للانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال الإسرائيلي، واستيراد اللحوم وغيرها من المنتجات لتحل محل كل ما هو من انتاج الاحتلال، وتعزيز الانتاج المحلي، وان لم يتوفر استيراده مباشرة من الخارج.
المعارضون للقرار أشاروا إلى أنه غير مجد ولن يكون له أي أثر اقتصادي، وإنما قد يكون ذريعة للتجار لرفع أسعار اللحوم على حساب المستهلكين.
وبحسب بروتوكول باريس الاقتصادي، كان يسمح بداية باستيراد ألفي رأس من الأبقار ضمن القوائم السلعية المستثناة من التعرفة الجمركية الموحدة مع اسرائيل، تم رفعها إلى (4) آلاف رأس، لكن الكوتا أصبحت مفتوحة، بما يمكن من استيراد الأعداد التي تحتاجها السوق الفلسطينية.
وقال مدير دائرة التسويق في وزارة الزراعة طارق أبو لبن لـ"وفا"، "يتم استيراد نحو 120 ألف رأس عجل من إسرائيل سنويا، 10% منها من انتاج المزارع الإسرائيلية، والباقي تستورده إسرائيل من الخارج، ويتم بيعه للفلسطينيين، وهذا كله يمثل نحو 60% من استهلاك السوق الفلسطينية من لحوم العجل، بينما تأتي بقية الكمية عن طريق استيراد اللحوم المجمدة من الخارج وكذلك من الإنتاج المحلي".
وأضاف أنه يتم استيراد 12 ألف طن لحوم عجل مجمدة من الخارج، ومن 3000 إلى 4000 طن من المزارع الفلسطينية.
وأشار أبو لبن إلى أنه يوجد أكثر من 15 تاجر في الضفة وغزة يحملون تصاريح استيراد المواشي، والطريق مفتوحة لأي شخص بحصوله على تصريح الاستيراد، مبينا أن عملية الاستيراد فقط تكون من خلال إسرائيل، ويمنع إدخال اللحوم عبر الحدود الأردنية.
وأكد أن العجول الموجودة الآن في السوق الفلسطينية، تغطي السوق لأشهر عديدة، كما نعمل حاليا على توفير عجول لتأمين السوق عام 2020، مبينا أن دفعة من العجول وصلت الميناء في إسرائيل ويجري تحويلها إلى السوق الفلسطينية.
وقال: العام المقبل ستكون كمية العجول في السوق أضعاف ما كان يصل من إسرائيل قبل القرار الأخير، موضحا أن التجار أنهوا تخليص عدة شحنات من البرتغال وفرنسا وهنغاريا، وهي الدول، التي كانت إسرائيل عادة تستورد منها العجول التي توردها للسوق الفلسطينية، في الوقت الذي نمنع فيه من استيراد العجول أو المواشي من الدول العربية.
وحول الأسعار، أكد أبو لبن أن أسعار العجول كما هي عليه، ووزارة الاقتصاد تقوم بعملها في جولات التفتيش على السوق، وسقف السعر هو 55 شيقل للكيلوغرام، فيما أن العديد من المحلات تبيعه بـ50 شيقل فقط.
وفي التاسع من تشرين الأول الجاري، خرج أصحاب مزارع العجول والمستوردين الإسرائيليين، في تظاهرة في القدس المحتلة، قرب منزل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو والكنيست، احتجاجا على قرار الحكومة الفلسطينية بوقف استراد العجول من إسرائيل، وهو ما يرجح كفة مؤيدي القرار.
وشارك عدد كبير من أصحاب مزارع المواشي والعجول والأغنام في المظاهرة، أمام منزل نتنياهو، واحتج المزارعون في اسرائيل على عدم وجود رد إسرائيلي على المقاطعة الاقتصادية الفلسطينية على المنتوجات الاسرائيلية.
وتعتبر المظاهرة في إسرائيل، أكبر دليل على تأثير القرار الفلسطيني بوقف استيراد العجول، على التجار وأصحاب مزارع المواشي في إسرائيل.
وقال رئيس جمعية مزارعي تربية العجول والمواشي في اسرائيل دورون بيدتس إن السبب الحقيقي للتظاهر أمام منزل نتنياهو اتخاذ تدابير من أجل الغاء المقاطعة الاقتصادية الفلسطينية على المنتوجات الزراعية الاسرائيلية، لأنها أضرت بمئات المزارعين، والخسائر تقدر بـ80 مليون شيقل شهريا نتيجة المقاطعة الفلسطينية للأبقار الإسرائيلية.
واقترح دورون سحب تراخيص التجار الفلسطينيين، الذين بحوزتهم تصاريح استيراد، لانهم يضرون بالزراعة الاسرائيلية ومنتوجاتها، وعدم السماح لهم بالتجوال والمرور في الموانئ الإسرائيلية.
كما هددت إسرائيل، الحكومة الفلسطينية بما وصفته "عواقب وخيمة" إذا استمرت في مقاطعة استيراد الأبقار والمواشي منها، تتمثل في وقف إدخال المنتجات الزراعية الفلسطينية للأسواق الإسرائيلية.
وكانت الحكومة اتخذت سابقا قرارا بوقف التحويلات الطبية إلى المستشفيات الإسرائيلية، والبحث عن بدائل محلية أو عربية، لاقى مؤخرا ردة فعل ايجابية، بتنشيط المستشفيات الفلسطينية ودعمها بشكل كبير.
كما انعكس هذا القرار على المستشفيات الإسرائيلية، حيث دعا مؤخرا مدير مستشفى "رمبام" الإسرائيلي، إلى استئناف التحويلات الطبية إلى إسرائيل، كونها تسببت بأزمة مالية عصفت بها، إضافة إلى مستشفى هداسا في القدس.
صوابية هذا القرار تأكدت قبل عدة أيام، عندما التقى رئيس هيئة الشؤون المدينة الوزير حسين الشيخ، مع وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون، الذي اعترف بوجود فســـاد في التحويلات الطبية إلى المســـتشفيات الإسرائيلية.
وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة أسامة النجار إن التحويلات الطبية إلى المستشفيات الإسرائيلية كالنت تُكلف خزينة الدولة نحو 100 مليون دولار سنويا، وبعد قرار وقف التحويلات الطبية، تم خفض المبلغ لأكثر من النصف.
وأضاف أن الحالات التي كان يتم تحويلها إلى المستشفيات الإسرائيلية تعالج جزء منها في المستشفيات الفلسطينية، وما لا يوجد علاج له يتم تحويله إلى مستشفيات الأردن ومصر، بعد أن تم الاتفاق معهم على ذلك، بتكلفة أقل من المستشفيات الإسرائيلية.
وأكد النجار أن العام المقبل سيشهد انخفاضا أكبر في فاتورة التحويلات الطبية مقارنة مع العام الجاري والماضي، وهذا كله سيكون للصالح العام.
في النهاية، الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال لا يأتي بيوم وليلة، ويمكن ان يكون له ثمن باهظ، كما يحتاج إلى منح مزيد من الثقة للحكومة، لتنفيذ الخطة التي أعلنت عنها، تنفيذا لقرارات اتخذتها القيادة الفلسطينية في أكثر من مناسبة، وهي الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال.
وكانت الحكومة أقرت في جلستها بتاريخ 9/09/2019، وقف استيراد العجول من إسرائيل في إطار خطتها للانفكاك الاقتصادي، وتعزيز الانتاج المحلي، والانفتاح والاستيراد من الأسواق العربية والعالمية.