الرياض (رويترز) - فتحت السعودية أبوابها على مصراعيها أمام السياح الأجانب يوم الجمعة، بإطلاقها نظاما جديدا للتأشيرات يشمل تسعا وأربعين دولة ودعوتها الشركات الأجنبية للاستثمار في القطاع الذي تأمل أن يسهم بعشرة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030.
ظلت المملكة ذات التقاليد شديدة المحافظة منغلقة نسبيا لعقود، لكنها خففت في الأعوام الأخيرة الأعراف الاجتماعية الصارمة مثل الفصل بين الرجال والنساء في الأماكن العامة وإلزام النساء بارتداء العباءة التي تغطي الجسد بالكامل.
وقال أحمد الخطيب رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في مقابلة مع رويترز قبل صدور الإعلان الرسمي إن العباءة لن تكون إلزامية للسائحات اللاتي سيظل عليهن ارتداء ملابس محتشمة تغطي من الكتفين إلى الركبتين، حتى على الشواطئ العامة.
وأشار إلى استمرار حظر الخمور، قائلا ”سنستقبل عددا كافيا من السياح في السعودية للتمتع بأشياء أخرى.“
والتأشيرات متاحة الآن عبر الإنترنت أو لدى الوصول أو في مقار المهام الدبلوماسية السعودية مقابل نحو 120 دولارا شاملة رسم تأمين صحي، بحسب بيان صحفي. ومن بين الدول المشمولة بالقرار الولايات المتحدة وروسيا والصين واليابان والعديد من الدول الأوروبية، مع إضافة المزيد لاحقا.
تتيح التأشيرات الدخول المتعدد والبقاء لفترات تصل إلى ثلاثة أشهر. ولا توجد قيود على سفر النساء بمفردهن كما كان في الماضي، وسيحق للمسلمين زيارة مكة خارج موسم الحج.
كان سفر الأجانب إلى السعودية مقتصرا بدرجة كبيرة قبل ذلك على العمال المقيمين وعائلاتهم ورجال الأعمال والحجاج المسلمين الذين يُسمح لهم بزيارة مكة والمدينة.
وخضعت خطط السماح بأعداد كبيرة من زوار السياحة الترفيهية للنقاش لسنوات، لكن الآراء المحافظة والبيروقراطية كانت تحول دون تطبيقها. وبدأ في ديسمبر كانون الأول الماضي العمل بنظام تأشيرة إلكترونية لحضور المناسبات الرياضية والحفلات الغنائية.
تأتي الخطوة في إطار خطط طموح لولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتدشين قطاعات اقتصادية جديدة بهدف الحد من اعتماد أكبر بلد مصدر للنفط في العالم على الخام وإحداث انفتاح داخل المجتمع عن طريق السماح بوسائل ترفيه كانت محظورة من قبل.
وحظى الكثير من إصلاحات الأمير بإشادة دولية، لكن صورته تلطخت باغتيال الصحفي جمال خاشقجي العام الماضي وإلقاء القبض على منتقدين من بينهم ناشطات بارزات، فضلا عن الحرب المدمرة في اليمن.
البحث عن استثمارات
هناك أيضا التوترات المشتعلة مع المنافس اللدود إيران التي تلقي الرياض باللائمة عليها في هجوم استهدف منشأتي نفط سعوديتين في وقت سابق هذا الشهر بينما تنفي طهران أي دور لها فيه.
وقال الخطيب إن البلد ”آمن جدا جدا“ وإن الهجوم لن يؤثر على خطط جذب السياح.
تحتل السياحة مرتبة متقدمة في خطط ولي العهد، رغم نقص البنية التحتية. وبغية دفع النمو، يقدر الخطيب أن هناك حاجة لاستثمارات بنحو 250 مليار ريال (67 مليار دولار)، تشمل 500 ألف غرفة فندفية جديدة بحلول 2030 - نصفها في مشاريع عملاقة تدعهما الحكومة والنصف من مستثمري القطاع الخاص.
ووقعت الحكومة مذكرات تفاهم قيمتها الإجمالية حوالي 100 مليار ريال مع مستثمرين إقليميين وعالميين من بينهم مجموعة تريبل فايف وماجد الفطيم الإماراتية.
وتريد الحكومة جذب 100 مليون زيارة سنويا في 2030، ارتفاعا من حوالي 40 مليونا حاليا. وتستهدف الوصول بمساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى عشرة بالمئة من ثلاثة بالمئة.
وقال الخطيب ردا على سؤال بخصوص التصورات السلبية عن المملكة بين البعض في الغرب ”أنا واثق جدا جدا من أنه سيكون بوسعهم إصدار حكم أفضل عندما يأتون ويجربون الحياة هنا في السعودية، وأعدهم أن يغادروا بذكريات رائعة.“
تغطي الصحاري مساحات شاسعة من أراضي البلد الخليجي الذي يحده العراق من الشمال واليمن من الجنوب، لكنه يملك أيضا جبالا تكسوها الخضرة وشواطئ بكرا ومعالم تاريخية، خمسة منها على لائحة اليونسكو لمواقع التراث العالمي.
وقال الخطيب ”ما زلنا محافظين على أصالتنا.. لدينا ثقافة عظيمة، سيرغب الكثير الكثير من السياح في المجيء واستكشاف هذه الثقافة ومعرفة المزيد عنها والاطلاع عليها وتجربتها.“
وتهدف خطة التنمية لإضافة مليون وظيفة في القطاع السياحي. ويظل ضم مئات الآلاف من السعوديين إلى قوة العمل تحديا رئيسيا لولي العهد، الذي لم يستطع حتى الآن سوى إحداث تحسن طفيف في معدل البطالة الرسمي الذي يظل أعلى من 12 بالمئة.