غزة-الأيام-ما إن بدأت حرارة الشمس في الارتفاع بين الحين والآخر في قطاع غزة، وبخاصة على الكورنيش الممتد على شاطئ البحر من شماله وحتى جنوبه، حتى تشاهد العشرات من الشباب المتعطلين عن العمل يسارعون لوضع أكشاكهم المليئة بمختلف أنواع المشروبات الغازية والوجبات السريعة والشاي والقهوة وغيرهما.
وقال الشاب رزق أبو العطا (27 عاماً)، من حي الشجاعية بمدينة غزة، الذي وقع سابقاً في خلاف مع البلدية، ما إن كنت أظفر بوظيفة براتب شهري قليل لأؤمن منها احتياجات أسرتي، حتى وإن كان بالحد الأدنى، حتى يتم الاستغناء عني بسبب ركود البيع وقلة رواد الكشك لانتشار المئات مثلي الذين ينصبون المراجيح للأطفال والكراسي الخشبية ذات الديكور الجميل.
وأضاف أبو العطا لـ"الأيام": ولكن ما إن سرت على شاطئ البحر، وشاهدت بعض أصحاب الكافيتريات، لهم من الزبائن ما يشترون بعض أنواع المشروبات الساخنة أو الباردة، حتى قفزت إلى رأسي هذه الفكرة التي قررت تطبيقها على أرض الواقع مثلهم لتأمين متطلبات أسرتي الكثيرة من مأكل ومشرب وملابس وقرطاسية وغير ذلك الكثير.
وتابع: "الآن أحمد الله على كل شيء، فقد تحسَّن وضعي الاقتصادي "نوعاً ما"، واستطعت توفير بعض المستلزمات الضرورية لأطفالي، وسداد بعض من الديون المتراكمة عليَّ، بجانب أنني استطعت منح أطفالي مصروفاً للمدرسة.
الشاب أحمد المبحوح (40 عاماً)، من سكان مخيم جباليا، بدأ حديثه لـ"الأيام" بالقول، "إن الحاجة أُم الاختراع"، مضيفاً إنه لم يخطر يوماً في باله عمل كشك وبيع المشروبات على اختلاف أنواعها إن كانت ساخنة أم بارد لتلبية طلبات الزبائن من المتنزهين الذين يرتادون الكافتيريا الخاصة به وشقيقه الأصغر منه سناً.
ولفت المبحوح إلى أنه في أحد الأيام، توارد لفكره أن يعمل على تطوير المكان المُخصص له، من خلال إدخال بعض التحسينات عليه، كوضع حوض مطاطي كبير بعض الشيء يضعه بالقرب من كافتيريته ويملأه بماء البحر، لمنح الأطفال المرافقين لأسرهم المتنزهين فرصة الاستمتاع بالعوم فيه بدلاً من النزول للبحر البعيد نوعاً "ما" عن الشاطئ.
وذكر أن والده كان دائم القول له "إن في الحركة بركة"، مشيراً إلى أنه وشقيقه عماد منذ أن بدأ مشروعه هذا، تحسَن وضعهما الاقتصادي بعض الشيء، وأصبحا يُلبيان بعض متطلبات أسرتيهما حتى وإن كان بالحد الدنى.
وغير بعيد عنهما نسبياً، كانت تجلس أسرة تتناول بعض الساندويتشات والمشروبات الساخنة التي أحضروها معهم، للاستمتاع بدفء أشعة الشمس المتسللة من السماء نحوهم، والهواء الدافئ الذي يعم المكان من كل حدب وصوب، هاربين من انقطاع التيار الكهربائي، وعدم وجود أجهزة تلفاز أو خطوط انترنت في بعض المنازل.
يُذكر أنه منذ اللحظات الأولى لانتهاء الدراسة في مدارس القطاع، يبدأ المواطنين فرادى وجماعات بالخروج للترويح عن أنفسهم بعد عام من التعب والضغط النفسي الذي يصاحب العملية التعليمية بسبب الأزمات المتعددة التي يعاني منها قطاع غزة، لاسيما أزمة الكهرباء على وجه الخصوص.
ويُعتبر شاطئ البحر وجهة معظم الغزيين الذين يعتبرونه المتنفس الوحيد لهم، بعدما أُغلقت في وجوههم مساحات واسعة من الأرض الفضاء التي تحد الشاطئ ومنعوا من الجلوس فيها بقوة قانون البلديات التي تسيطر عليها كونها أراضي مستأجرة لهم.
ويمتد منتزه شاطئ البحر متنوع الأنشطة لمسافة تصل إلى نحو كيلومتر واحد من الشاطئ وتؤجر فيه البلديات العديد من النقاط التي يتم تجهيزها بمختلف أنواع الإضاءة الحديثة، بل ويضم بعضها مدرجات مرتفعة نسبياً عن سطح الأرض مزروعة بالعشب الأخضر "الإنجيل"، وأيضاً المدرجات متعددة الأنشطة بجانب رصيف بحري ترفيهي.