الحريري يتفق على إصلاحات وسط احتجاجات تعم لبنان بسبب أزمة اقتصادية

تاريخ النشر
الحريري يتفق على إصلاحات وسط احتجاجات تعم لبنان بسبب أزمة اقتصادية
محتجون يحملون أعلام لبنان خلال مظاهرة يوم الاحد. تصوير: علي حشيشو - رويترز.

بيروت (رويترز) - اتفق رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري مع شركائه في الحكومة على حزمة من القرارات الإصلاحية بهدف تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية التي أججت احتجاجات تدعو للإطاحة بالنخبة الحاكمة التي يرون أنها غارقة في الفساد والمحسوبية.

وقال مسؤولون لرويترز إن الحريري توصل لاتفاق بينما احتشد مئات الآلاف في الشوارع وأظهروا أكبر معارضة للحكومة منذ عقود.

وتدثر بعض المتظاهرين بالأعلام اللبنانية أو لوحوا بها وتدفقوا على الطرق لليوم الرابع ودعوا إلى ثورة على غرار الثورات العربية التي أطاحت بأربعة رؤساء في 2011.

وأمهل الحريري، الذي يقود ائتلافا حكوميا تشوبه الطائفية والمنافسات السياسية، شركاءه في الحكومة 72 ساعة يوم الجمعة للاتفاق على إصلاحات من شأنها تجنيب البلاد أزمة اقتصادية، ملمحا لاحتمال استقالته إن لم يحدث هذا.

واتهم الحريري خصومه بعرقلة إجراءات خاصة بالميزانية يمكن أن تتيح للبنان الحصول على 11 مليار دولار تعهد بها مانحون غربيون وتساعده على تجنب الانهيار الاقتصادي.

وتشمل القرارات الإصلاحية خفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة خمسين في المئة ومساهمة المصرف المركزي والمصارف اللبنانية بنحو خمسة آلاف مليار ليرة لبنانية أي ما يعادل 3.3 مليار دولار لتحقيق ”عجز يقارب الصفر“ في ميزانية 2020.

كما تتضمن خطة لخصخصة قطاعة الاتصالات وإصلاح شامل لقطاع الكهرباء المهترئ الذي يمثل أحد أكبر الضغوط على الوضع المالي المتداعي في البلاد.

وقالت مصادر حكومية إن حكومة الحريري ستجتمع ظهر الإثنين بالقصر الرئاسي للموافقة على حزمة الإصلاحات.

أمل

انتشرت الاحتجاجات المناهضة للحكومة، التي تغذيها الظروف الاقتصادية الصعبة والغضب من الفساد الحكومي المتصور، في جميع أنحاء البلاد منذ يوم الخميس.

وردد المتظاهرون من جميع الأعمار والأديان وهم يشعرون بالبهجة والسعادة ويتطلعون إلى التغيير الأغاني الوطنية ورقصوا في الشوارع وشكل بعضهم سلاسل بشرية ورددوا هتافات تنادي بالإطاحة بقادة البلاد.

وسيطرت مشاهد تشبه المهرجانات على البلاد من العاصمة بيروت إلى البلدات النائية حيث صدحت مكبرات الصوت بالموسيقى بينما تدفقت الجماهير على الشوارع.

وقالت شيرين شوا (32 عاما) وهي مهندسة معمارية في بيروت ”أنا هنا لأني أشعر بالاشمئزاز من ساستنا. لا يفلح أي شيء. هذه ليست دولة. الرواتب منخفضة للغاية والأسعار مرتفعة جدا. لا نجد وظائف حتى في هذه الأيام“.

والقضاء على الفساد المستشري في البلاد مطلب رئيسي للمتظاهرين الذين يقولون إن زعماء البلاد استغلوا مواقعهم لجمع الثروات لأنفسهم على مدى عقود عن طريق الرشا وإرساء الصفقات على المقربين منهم.

وقالت امرأة أربعينية وسط مجموعة من النساء في العاصمة ”احنا هنا لنقول لقادتنا ’أرحلوا‘. لا أمل لنا فيهم لكننا نأمل في أن تحقق هذه الاحتجاجات التغيير“.

وأضافت ”لقد جاؤوا لملء جيوبهم. كلهم محتالون ولصوص“.

وألقى كثيرون باللوم على النخبة الحاكمة في إخراج أطفالهم من لبنان لأنهم فشلوا في بناء دولة يمكنها توفير الوظائف.

وانتشرت قوات الجيش وقوات الأمن في مختلف أنحاء البلاد وأغلقت الشوارع المؤدية إلى قصر الرئاسة. وقالت البنوك إنها ستبقى مغلقة غدا الاثنين وأعلن اتحاد العمال الرئيسي إضرابا عاما مما يهدد بمزيد من الشلل.

الوفاء بالشروط

انضمت أصوات من زعماء الاتحادات العمالية والساسة للدعوات الشعبية المطالبة باستقالة حكومة الحريري. وقال حزب القوات اللبنانية المسيحي الماروني مساء أمس السبت إن وزراءه الأربعة سينسحبون من الحكومة.

لكن مصادر حكومية قالت إن موافقة شركاء الحريري على الإصلاحات أوفى بالشروط فيما يبدو مما سيدفعه لمواصلة المسار على الأرجح.

وإذا استقال الحريري، المدعوم عادة من الغرب وحلفاء من دول الخليج، فسيكون من الصعب على الأحزاب المختلفة في الائتلاف الحاكم تشكيل حكومة جديدة.

ومن المرجح أيضا أن يكون لجماعة حزب الله المدعومة من إيران وحلفائها نفوذ أكبر في الحكومة الجديدة وهو تغير سيجعل عرض المانحين الدوليين أو دول الخليج العربية المساعدات أو الاستثمارات ضربا من ضروب المستحيل تقريبا.

ودون تمويل أجنبي يواجه لبنان أفاقا سياسية مظلمة. ويتوقع مسؤولون واقتصاديون كذلك خفض قيمة العملة أو التخلف عن سداد الديون خلال بضعة أشهر إذا لم تنجح الحكومة في دعم ماليتها.

وقال صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي إن الأزمة اللبنانية تتطلب إجراءات تقشف صارمة مثل زيادة الضرائب والرسوم على الوقود وهي خطوات تعهد ساسة البلاد بعدم اتخاذها.

وسجل الاقتصاد اللبناني معدل نمو بلغ 0.3 بالمئة فقط العام الماضي. وقال صندوق النقد الدولي إن الإصلاحات مطلوبة للحد من العجز الضخم والدين العام الكبير الذي توقع أن تصل نسبته إلى 155 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية العام وهي من أعلى النسب على مستوى العالم.

وقال المسؤولون إن الميزانية لا تشمل أي ضرائب أو رسوم إضافية وسط اضطرابات واسعة النطاق نجمت جزئيا عن قرار فرض ضريبة على مكالمات الواتساب الأسبوع الماضي.

كما طالبت الإصلاحات بإنشاء الهيئة الناظمة ومجالس الإدارة خلال ”وقت قصير“ للإشراف على الإصلاح.